المسابقة العظيمة بين آدم والملائكة: هلموا لنفهم فضل آدم

ثم بعد ذلك اقام الله هذه المسابقه العظيمه بين ادم والملائكه الكرام والحكمه منها بيان فضل ادم وفضل الجنس البشري وذلك من فضل الله جل جلاله فنحن معشر البشر ليس لنا ايه مشاركه في ذلك وانما شرفنا الله باختياره على الملائكه الكرام وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيره فاست مهمه عظيمه مقتض لحصول التنافس فلذلك احتجنا الى ان يبين فضلنا حتى لا يقع تجاذب فالانسان اذا كان مقنعا واقتنع الجميع بانه اهل للقياده سيستسلم له اما اذا لم يقتنعوا به ولم يكن له اي صفات تميزه وتؤهله للقياده فسينا ازعه الناس قيادته وصلاحياته ولذلك قال بنو اسرائيل لما قال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا انا يكون له الملك علينا ونحن احق بالملك منه ولم يؤت سعه من المال قال ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطه في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم فلا بد من بيان الصفات التي تميز الجنس البشريه حتى يكون اهلا لهذه الوظيفه وهي الاستخلاف فلذلك عقد الله هذه المسابقه بين الملائكه الكرام وادم وهيا ادم لحصول المسابقه فعلمه المقررات والهمه اياها وحفظه اياها وجمعها له في صدره ف الامتحان اذا لم يسبقه اعداد ولم تسبقه مذاكره ولا مدارسه هو من قبيل العنه ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغلوطات وهي الاسئله والامتحانات التي فيها خفاء وصعوبه ولم يحضر لها الانسان ولم يتهيا لها فهيا الله ادم لحصول الامتحان وعلمه الاسماء كلها فكان جاهزا لحصول المسابقه ولم يعلم الملائكه الكرام ذلك لانهم كانوا يرون الفضل لانفسهم وكانوا يرون انهم اهل للاستخلاف لانهم قالوا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فقد الهمهم الله وعلمهم ما يحتاجون اليه وهو التسبيح والتقديس تحميد وحينئذ لله العدل وتمت كلمه ربك وحصل ما اراد الله سبحانه وتعالى فقد قال سبحانه وتعالى في الثناء على كلماته وتمت كلمه ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته فلذلك علم الملائكه ما يحتاجون اليه وهو التسبيح والتحميد والتقديس وعلم ادم ما يحتاج اليه وهو الاسماء كلها ثم بعد ذلك جاءت المسا بعرضهم على الملائكه عرض المسميات على الملائكه وهنا جاء التعبير عنها بما يدل على العقل وذلك ان العقلاء يغلبون على من سواهم ثم عرضهم ولم يقل ثم عرضها او عرضهن قال ثم عرضهم على الملائكه فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين كنتم صادقين في انكم اهل لهذه المنافسه والمسابقه فحينئذ تادب الملائكه الكرام مرد العلم الى الله تعالى قالوا سبحانك وهذا الذي الهمهم الله سبحانه وتعالى من الثناء عليه سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم اردوا العلم الى الله واخبروه انه لا علم لهم الا ما علمهم الله من التسبيح والتحميد والتقديس والعباده فليس لهم اطلاع على ما سوى ذلك من الغيوب والحكم التي لا يعلم ها الا الله فما اطلعهم الله عليه من الغيوب صار غيبا نسبيا وما لم يطلعهم عليه لا علم لهم به سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم فاثبتوا له الصفتين المناسبتين لهذا المقام وهم العلم والحكمه فعلمه يحيط بالكائنات والخلائق فهو يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وهو الحكيم فكل تصرفاته وافعاله انما هي على وفق الحكمه البالغه ولذلك لا يسال عما يفعل وهم يسالون نسال الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا واياكم اجمعين لكل خير وان يعلمنا واياكم وان يرزقنا واياكم الحكمه فانه يؤتي الحكمه من يشاء وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين لما عقد ربنا سبحانه وتعالى هذه المسابقه بين الملائكه الكرام وابينا ادم عليه السلام بدا اولا بالملائكه لاقامه الحجه عليهم فلم يبدا بادم لان اقامه الحجه هي المطلب الاصلي في هذه المسابقه فلذلك بدا بالملائكه الكرام فاستسلموا له ولحكمه ثم بعد ذلك خاطب ادم فقال يا ادم انبئهم باسمائهم اما ان يكون المقصود ان ينبئ الملائكه باسماء الملائكه او ان يكون المقصود ان انبئهم اي انبئ الملائكه باسمائهم اي باسماء الخلائق كلها وقد ذكرنا من قبل ان ضمير العقلاء اطلق عليهم للتغليب لان العقلاء يغلبون على من سواهم فحينئذ انباه ادم باسمائهم وهذا من دلاله المقتضى وهو المحذوف الذي يتعلق به الكلام فانه قال قال يا ادم انبئهم باسمائهم معناه فان باهم باسمائهم فلما انبا باسمائهم قال الم اقل لكم قال الله للملائكه الكرام الم اقل لكم اني اعلم غيب السماوات والارض وا علم ما تبدون وما كنتم تكتمون فهنا بين الله ان الغيوب كلها عنده وانه يعلم غيب السماوات والارض العالم العلوي والعالم السفلي وانه يعلم ما يبدون فما خاطبه به من انهم يسبحون بحمده ويقدسون له وما يكتمون مما ذكروا من المنافسه من حصول المنافسه فيهم وما يشير اليه كلامهم فحينئذ امرهم الله بالسجود لادم فلذلك قال قال واذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فامر الله ملائكته الكرام حينئذ بالسجود لادم وهذا اصل مشروعيه تكريم المتميزين والناب بهين واصل مشروعيه الجوائز فان المسابقه عندما اعلنت نتائجها يحتاج الى تكريم الفائز فيها بالجائزه وجائزه ادم هنا هي سجود الملائكه الكرام و السجود في الاصل هو لله شكرا لله لكن على ما خص به ادم و امرهم الله سبحانه وتعالى بالسجود جميعا وامرهم اذاك بالتكاليف يشمل ابليس فقد خلقه الله واخفى عن الملائكه حكمه خلقه وهو قد خلقه الله للشر ولكنه اقام عليه الحجه فاراد ان يجعله مع الملائكه الكرام يعمل ما يعملون ويعلم ما يعلمون ويطلع على ما يطلعون عليه فلذلك يدخل في عمومهم في الامر وان كان مخالفا لهم في العنصر والخلقه ومخالف لهم مخالفا لهم في المصير كذلك فامره الله امرهم الله سبحانه وتعالى ان يسجدوا لادم جميعا فدخل ابليس في هذا الامر فلذلك قال سبحانه وتعالى واذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين فابليس اراد الله ان يفضحه فبين سرير ه وهذه السريره متضمنه لثلاثه امور الامر الاول الامتناع من الطاعه وهو في الظاهر والامر الثاني الاستكبار وهو في الباطن والامر الثالث الكفر وهو شامل للظاهر والباطن فبدا بذلك خصته وانه لا خير فيه حتى لو كان يعبد كما يعبد الملائكه ولو كان يعلم كما يعلم الملائكه فعلمه وعمله لم يغني عنه من الله شيئا ولم يفيده عند الامتحان وعند حصول الفتنه فوقع في هذه الفتنه ف ما كان الملائكه يجدونه من المنافسه زال عنهم بالكليه عندما قالوا لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم اما ما يجده ابليس فليس منافسه للتقرب الى الله وانما هو حسد وكبر وعجب فهو يرى انه اشرف من ادم عنصرا فانه خلق من نار وخلق ادم من تراب فلذلك تكبر على ادم وابى اي امتنع من طاعه الامر والغريب ان انه في هذه الايه هنا في سوره البقره جمع بين هذه الامور الثلاثه لابليس وقد ذكر الاباء فقط في سوره طه وذكر الاستكبار فقط في سوره صاد لكن هنا صرح بكلها ابى فامتنع عن امر الله فكان بذلك عاصيا للطاعه واستكبر فكان باطنه خبيثا والكبر هو من شر امراض القلوب وهو سبب لكثير منها فهو مقتض لان يغمط الانسان الاخرين وان يتنكر للحق وان يخالف الفطره وان يخالف مبادئ وهو كذلك مقتض لان يسيء الادب وان لا يتعامل على وفق ما ادب عليه فلذلك اى واستكبر وكان من الكافرين فانه حينئذ كفر بالله العظيم لان الحجه القائمه عليه ليست كالحج القائمه على الناس فالناس لانهم لا يرون تلك المغيبات ولا يصلون الى ذلك المستوى من امتنع منهم من الطاعه او وقع في المعصيه لا يكفر بذلك وانما كفر ابليس بذلك لانه قام عليه من الحجه ما لم يق يقم على من سواه وكان من الكافرين وهنا جاء التعبير القراني الدقيق العجيب المعجز في قوله وكان من الكافرين فلم يقل اى واستكبر وكفر لانه لو كان كذلك لكان الكفر عارضا ناشئا شديدا وهو في علم الله انه كان من الكافرين وقد كتب ذلك عليه من قبل فلذلك قال وكان من الكافرين ومن هنا بدا الصراع وانحصر بين ادم وابليس فخرج الملائكه من هذا الصراع فكان الصراع بين الحق والباطل مقتصرا على الصراع بين حزب الله الذي يمثله ادم وحزب الشيطان الذي يمثله ابليس فالصراع ابدي مستمر بين هذين الحزبين ولكن يؤخذ من ذلك عبره وهي ان مخلوقين مفطورون على المنافسه مطلقا ولا يضيق الانسان ذرعا اذا نافسه غيره فانما يطلب النفع لنفسه كما تطلبه انت النفع لنفسك ولكن يضيق الانسان ذرعا بالحسد والانكار الفضل لاهله والاستكبار بما ليس من حقه فهذه الصفات اتصف بها ابليس ولم يتصف بها الملائكه الكرام ولهذا لم يكن بين الادم وبين الملائكه الكرام ايه عداوه فانهم انما ارادوا المنافسه في القرب من الله والمنافسه في عبادته ولم يريدوا حسدا ولا بغضا لادم ولا تكبرا عليه كل ذلك منتف عن الملائكه الكرام وكله قد اتصف به ابليس ومن سنه الله ان يستشعر الانسان انه اذا انعم الله عليه بايه نعمه فهو عرضه لان يحسد عليها فكل صاحب نعمه محسود ويمكن ان يحسده الاقربون كما كان ليوسف عليه السلام ويمكن ان يكون الحسد من الابعد ويمكن ان يتعرض لاذيه للاذيه من الحاسدين ويمكن ان تنشا ينشا عن الحسد عداوه مستمره ابديه كال العداوه بين ابليس وادم وذريته فهو عدو لنا الى يوم الدين وهذه العداوه ناشئه ناشئه عن حسده لنا فهو المعتدي وهو الذي بدا بالضرر وهنا يدلنا هذا ايضا على ان ا الاصل في العداوه انما هو الظلم فاصل مشروعيه الجهاد انما هو للدفع واجهاد الطلب عارض ولذلك فان ابليس هو الذي بدا اولا بالظلم والاعتداء فلذلك عادينا على بعد ان عادانا وا طرد بعد ان عصى فهو البادئ بالمعصيه وهذا ما اشار الله اليه في جهاد كفار فقال وهم بدوك اول مره وهنا طوي ما يتعلق بخطاب ابليس في هذه الازمه والمشكله فانه خاطب الله وخاطبه الله وحل الله عليه لعنته وساله ابليس ان يكون من المنظرين الى الوقت المعلوم وسننشر ذلك في المواضع التي جاء فيها النشر والبيان لذلك ف قال سبحانه وتعالى وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنه فكلا منها وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجره فتكونا من الظالمين فكان الخطاب هنا متجها لادم ولزوجه ا التي خلقها الله منه وهي حواء ام البشر فخاطبهم الله سبحانه وتعالى بهذا الخطاب واهمل هنا ذكر ابليس حتى يصل الى اعتدائه عليهما وسعيه لاغواء هما ونسال الله سبحانه وتعالى ان يكفينا شر ابليس وجنوده اجمعين وان يعصمنا اجمعين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وان يصلح ظواهرنا وبواطنها وان يجعل سرائرنا خيرا من عل نياتنا وان يجعل عل نياتنا صالحه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين


Ahmad Zaki Anshari (CSSMoRA UIN Wali Songo Semarang 2023)

Tinggalkan Balasan

Alamat email Anda tidak akan dipublikasikan. Ruas yang wajib ditandai *